إكراه الأشخاص على التخلي عن أفكارهم ومعتقداتهم
- إكراه الأشخاص على التخلي عن أفكارهم ومعتقداتهم
- مقدمة
- الخطوة الأولى: مقابلة الضحية وجمع البيانات الأولية:
- الخطوة الثانية: التدخل كممثل للضحية:
- إجراءات المحاكمة
- الخطوة الثالثة: الاستئناف
إكراه الأشخاص على التخلي عن أفكارهم ومعتقداتهم
يهدف هذا المقال إلى مساعدة المحامين العاملين في مجال الدفاع عن الحريات الدينية للدفاع عن المعتقلين دون تهمة محددة بهدف إجبارهم على التخلي عن أفكارهم ومعتقداتهم أو التوقف عن نشر هذه الأفكار.
كما يركز على إيضاح الإجراءات التي يمكن اتباعها لإطلاق سراح الموقوفين وضمان تمتعهم بكامل حريتهم في تبني أي أفكار أو معتقدات يؤمنون بها. أيضاً يهدف المقال إلى تعريف المحامين بالإجراءات التي تتبعها مؤسسات الدولة لإجبار الناس على التخلي عن أفكارهم، حيث تشرح المقالة الطرق القانونية المناسبة التي يمكن من خلالها معارضة هذه الأساليب.
مقدمة
تعرض الكثير من الأشخاص، لا سيما القيادات الدينية، خلال العقود الثلاثة الماضية الي الكثير من المضايقات، كانت أبرزها الاعتقال بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني (جهاز الأمن والمخابرات حالياً)، مصادرة الممتلكات، الإبعاد من البلاد بالنسبة للأجانب وسحب الجنسية السودانية عمن نالوها بالتجنس والعديد من الانتهاكات الأُخرى. وحيث كان قانون جهاز الأمن الوطني لسنة ٢٠١٠ يسمح بالقبض والحجز على الأموال، تحول لمصادرة في معظم الحالات، خارج رقابة النيابة وبسلطات مطلقة، فقد مثل جهاز الأمن أكبر مُهدد للحريات الدينية في السودان مستغلاً سلطاته ومُسخرًا كل إمكانيات الدولة لأجل تصفية الطوائف الدينية التي ظل نظام الجبهة الإسلامية يحاربها لأسباب دينية أحياناً ولتحقيق مكاسب مالية في أحيان أُخرى.
وعلى الرغم من إلغاء سلطة جهاز الأمن والمخابرات المتعلقة بالقبض وحجز الأموال بموجب قانون التعديلات المتنوعة لعام ٢٠٢٠، إلا أن الجهاز لا زال يمارس ذات الانتهاكات.
الخطوة الأولى: مقابلة الضحية وجمع البيانات الأولية:
عندما يتم القبض على شخص من قبل جهاز الأمن، عادةً ما يستغرق الأمر مدة من الزمن حتى يعرف ذويه أنه معتقل لدى الأمن، وفي معظم الحالات، بعد التأكد من وجود الشخص في معتقلات الجهاز، لا يعرف أحد مكان الاعتقال. حلقة الوصل في هذه الحالة هي أسرة المعتقل أو أصدقاؤه وعلى المحامي أخذ البيانات الأساسية منهم بالإضافة لأي معلومات قد يكون لها صلة بالاعتقال. ويجب أن يستمع المحامي إلى ما يقوله أصدقاء المعتقل أو أسرته، ويجب أن يتأكد من أن أجهزة الأمن لاحقته بسبب الأفكار أو المعتقدات التي يؤمن بها. كما يتعين على المحامي أن يطرح أسئلة محددة عن كل ما يتعلق بالمعتقل والأنشطة التي يقوم بها لمعرفة السبب الحقيقي لاعتقاله.
تلاحق الشرطة كذلك، وبإيعاز من جهاز الأمن، أي شخص يتبنى أفكارًا مختلفة أو ينتمي إلى مجموعة من الطوائف الدينية التي تحاربها الدولة من خلال مؤسساتها الدينية الرسمية. ولأن قانون العقوبات لم يجرم صراحة الانتماء لهذه الطوائف، لجأت الشرطة والأجهزة الأمنية إلى توقيف الشخص دون اللجوء إلى النيابة الجنائية أو المحكمة، بهدف إجباره على مقابلة لجنة مختصة بمجمع الفقه الإسلامي. والغرض من هذه اللجنة هو الدخول في حوار ومناقشة مع المعتقل لتثنيه عن أفكاره أو معتقداته، لكن في الواقع، هذا الإجراء هو إجبار للمعتقل على التخلي عن أفكاره لا أكثر، لأنه واقع في قبضة جهاز الأمن ولا خيار أمامه سوى التخلي عن أفكاره أو معتقداته. جدير بالذكر أن معظم من رفض الانصياع واجهوا فترات حبس طويلة بعد اتهامهم بتقويض النظام الدستوري واثارة الحرب ضد الدولة، برأت المحاكم بعضهم وأدانت البعض بأحكام سجن طويلة تجاوز بعضها فترة السجن المؤبد (عشرون عاماً).
الخطوة الثانية: التدخل كممثل للضحية:
في مثل هذا النوع من القضايا، لا توجد محكمة ابتدائية يمكن للمحامي أن يمثل أمامها لأن الموقوف يسجن من قبل جهاز الأمن لمدة غير محددة وفي مكان مجهول حيث لا يسمح للمعتقل بمقابلة محاميه.
يمكن للمحامي التقدم بطلب لنيابة أمن الدولة، بغية مقابلة المعتقل كخطوة أولى، وكثيراً ما يُطلق سراح الشخص بعد هذا الإجراء دون فتح بلاغ. أما في حال فتح البلاغ، وبحسب طبيعته، يقدم المحامي طلب للإفراج عن المتهم بالضمان.
أما الطريق الآخر فهو اللجوء إلى المحكمة الدستورية وطلب حق الشخص الموقوف في المثول أمام قاض (المثول أمام القضاء). وهو طلب يُقدم لضمان إحضار السجين أو المحتجز أمام المحكمة لتحديد ما إذا كان الشخص محتجزًا بشكل قانوني أم لا. في السودان تختص المحكمة الدستورية بالنظر في هذا الطلب وفقًا للمادة ١٦ من قانون المحكمة الدستورية لعام ٢٠٠٥، حيث يحق لها إصدار أي أمر لأي كيان أو شخص لتقديم شخص محتجز أو مسجون أمام المحكمة إلى النظر في دستورية السجن أو الاعتقال.
إذا ثبت من خلال الوقائع أمام المحكمة الدستورية أن المعتقل قد تعرض لإكراه للتخلي عن معتقده أو أفكاره، فيجب على المحامي تقديم التماس لحماية حق دستوري نيابة عن المعتقل، تأسيساً على مخالفة الدستور والمواثيق الحقوقية التي تنص على حرية الفكر والمعتقد، وكذلك مطالبة المحكمة بإصدار أمر للأجهزة الأمنية بعدم توقيف الضحية مرة أخرى.
ويجب الانتباه لمسألة التعذيب، وهي شائعة الحدوث بواسطة الأجهزة الأمنية، ففي حال ادعى الشخص تعذيبه ، يجب على المحامي أن يتقدم بشكوى مباشرة إلى النيابة العامة، ثم يباشر الإجراءات أمام محكمة الجنايات، أو تقدم بطلب للمحكمة عند بداية الإجراءات يطلب فيه تحويل المتهم للكشف الطبي تمهيداً لتوجيهها بفتح البلاغ، وهو الإجراء الأمضي خصوصاً اذا كان المتهم في الحراسة، حيث يجب أن يباشر إجراءات فتح البلاغ أمام النيابة بنفسه أو بواسطة وكيل.
إجراءات المحاكمة
كثيرًا ما قُدم رجال دين، خصوصًا من المسيحيين، للمحاكمات باتهامات غليظة متعلقة بأمن الدولة. في هذه البلاغات، على المحامي الاستعانة بأكبر عدد من المحاميين المناصرين لقضايا الحقوق والحريات للتضامن معه وذلك لسببين: الأول لحماية نفسه من الاعتقال، حيث يصعُب على جهاز الأمن اعتقال كل المحاميين والذي فاق عددهم في بعض القضايا المائة والثاني لأهمية دور المناصرة الذي له أثر كبير على هذا النوع من القضايا، ففضح ممارسات جهاز الأمن وأسبابه الحقيقية لملاحقة هؤلاء القادة كثيراً ما سبب حرجاً له وللحكومة تبعه بعض التحسن أو التجمل لتحسين صورة النظام. لكن لا بد من استشارة المتهم في هذه الاستراتيجية وأخذ موافقته.
الخطوة الثالثة: الاستئناف
إذا أصدرت المحكمة الابتدائية قد أصدرت حكماً يمس مصالح المتهمين، فعلى المحامي أن يستأنف هذا القرار أمام محكمة الاستئناف خلال ١٥ يوماً من تاريخ القرار وفقاً للمادة (١٨٤) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١. أما إذا أيدت محكمة الاستئناف قرار المحكمة الابتدائية فيجب استئناف قرارها أمام المحكمة العليا؛ وإذا حدث نفس الشيء في المحكمة العليا فيجب تقديم الاستئناف إلى دائرة المراجعة بالمحكمة العليا.
أخيرًا ، بعد استنفاد جميع مراحل التقاضي، يمكن للمحامي رفع دعوى دستورية أمام المحكمة الدستورية لحماية حق المتهم الدستوري في اعتقاد ما يشاء بتوضيح السبب الجوهري للاعتقال والمحاكمة.