الحق في الحضانة

يهدف هذا المقال لمساعدة المحامين المدافعين عن الحريات الدينية وحرية المعتقد في مساعدة النساء اللاتي يفقدن حقهن في حضانة أبنائهن أو بناتهن بسبب أنهن غير مسلمات وأزواجهن مسلمين. ويهدف المقال على وجه الخصوص لتوضيح الإجراءات القانونية اللازمة لمساعدة النساء في على حقهن في الحضانة دون تمييز على أساس الدين، ومن ناحية أخرى توضيح الإجراءات التي يجب أن يتبعها المحامي لمناهضة هذه القوانين التي تميز بين الناس بسبب دينهم.

مقدمة

مفهوم الحضانة بصورة عامة يعني حق الوالدين في رعاية أطفالهم والإهتمام بمعاشهم وتربيتهم بالطريقة التي يريانها مناسبة. في سنوات الطفل الأولى، أي عندما يكون الطفل دون السابعة والطفلة دون التاسعة، يكون الحق في حضانة الطفل أو الطفلة للأم، مطلقة كانت أم في عصمة الزوج. وتختص وحدها بمباشرة هذا الحق لأن للأم القدرة الفطرية التي تمكنها من رعاية الطفل. بعد ذلك يضع قانون الأحوال الشخصية للمسلمين معايير أخرى لتحديد الحضانة سواء أكان للأم أو للأب، ولكن لن نتطرق لها في هذا المقال.

وضع المشرع السوداني معياراً آخر لتحديد الحضانة وهو معيار الدين في حالة الزواج المختلط. وتظهر هذه الحالة فقط في حالة زواج المسلم من المسيحية أو اليهودية، والعكس غير صحيح، لأن القانون يمنع زواج المرأة المسلمة من الشخص غير المسلم. وعند وقوع الطلاق في حالة الزواج المختلط يسقط حق الأم غير المسلمة في حضانة الطفل لأنها لا تعتنق الإسلام. وهذا هو موضوع هذا المقال.

الخطوة الأولى: مقابلة الأم وسؤالها عن المعلومات الأساسية

 

عندما يقوم الأب المسلم برفع دعوى في مواجهة الأم لإسقاط حضانة أطفالها بسبب أنها غير مسلمة، فيجب على المحامي الذي يتولى الدفاع عنها أن يطلب منها البيانات المتعلقة بالقضية التي تم رفعها، وديانة الأم وأعمار الأطفال ومكان إقامتها هي. وما إذا كانت الأم في عصمة الأب أم مطلقة.

لأنه عند النظر في النزاع حول مكان إقامة الطفل ، تأخذ المحكمة في الاعتبار سن الطفل وأيضًا ، مسؤولياتهم الأبوية إذا كان الطفلة فوق 9 سنوات والطفل فوق 7 سنوات. والغرض من هذه المعلومة هو إثارتها كدفع موضوعي لمناهضة نص القانون الذي يسقط حق الأم في حضانة طفلها بسبب دينها متى بلغ الطفل الخامسة من عمره.

الخطوة الثانية: تمثيل المحامي للأم غير المسلمة

طبقاً لقانون المحاماة لسنة 1983م يتمتع المحامي في النظام القانوني السوداني بالوكالة العامة التي تخوله الحق في الظهور نيابة عن المتهم دون الحاجة إلى توكيل، ولا تطلب المحاكم عادة إبراز مستند من هذا النوع.

عموماً، في قضايا الحضانة التي تؤسس على الأفضلية في الدين وعند بدء الإجراءات أمام المحكمة ننصح المحامي بأن يسلك أحد طريقين في بداية الإجراءات:

الأول؛ أن يتقدم بعريضة لحماية حق دستوري أمام المحكمة الدستورية ويطلب منها إصدار  أمر فوري بوقف إجراءات القضية أمام محكمة أول درجة إلى حين الفصل في القضية الدستورية. وأن يبين في العريضة الدستورية الحقوق الدستورية التي أهدرت بحسب وقائع القضية المعينة. ويطلب من المحكمة الدستورية في نهاية العريضة إعلان عدم دستورية نص المادة (114) من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م.

الطريق الثاني، على المحامي الذي يتولى الدفاع عن المرأة أن يمارس دوره المهني والفني في مناهضة بينات الإدعاء سواءً كانت مستندات أم شهوداً، وذلك إذا حددت المحكمة عبء إثبات كل الوقائع أو بعضها على الإدعاء. أما إذا حددت المحكمة عبء إثبات بعض الوقائع أو كلها على الدفاع، فيجب على المحامي أن يقدم كل المستندات التي تخدم قضية دفاعه والشهود يعتمد عليهم في إثبات أحقية وأصلحية الأم في حضانة أبنائها وبناتها.

مناهضة القانون

في ختام القضية عليه أن يتقدم بمرافعة دفاع ختامية يناهض فيها الدعوى ويناهض القانون من خلال إثارة مبدأ عدم التمييز على أساس الدين كما هو منصوص عليه في الوثيقة الدستورية والمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان.

ويمكن للمحامي أن يثير على وجه الخصوص مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في التمتع بجميع حقوق الإنسان على قدم المساواة كما نصت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كنص المادة 1 ( 3) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 3 من العهديين الدولين اللذين صادق عليهما السودان.

نظم المشرع السوداني الحق في الحضانة في حالة الزواج المختلط في المادة (114) من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م والتي نصت على أن يتبع المحضون خير الأبوين ديناً وتسقط الحضانة الأم إن كانت على غير دين الأب المسلم وذلك بإكمال المحضون خمسة سنوات أو عند خشية إستغلالها للحضانة لتنشئة المحضون على غير دين أبيه.

فالدين فقط لا يعد سبباً مسقطاً للحضانة وفقاً لمبادئ الدستور وحقوق الإنسان، بل تُعد مثل هذه النصوص تمييزية لكونها تجعل من الأديان أساساً للتمتع بالحق في الحضانة بالنسبة للأم غير المسلمة.